رئيس التحرير

محمد الأمين محمد الهادي

يصدرها مكتب الإعلام في

جمعية المؤاخاة

العدد 28- السنة الثانية - 15/12/1999م

مقالات ودراسات

مشكلات الصحوة الإسلامية في الصومال

بقلم: عبدالرشيد عافي شيخ خليف (مقديشو)

يعرف الجميع أن العالم الإسلامي يشهد منذ عقود مضت حالة من الصحوة الإسلامية التي تسعى لتجديد قوة الأمة وإحياء نهضتها، ونستطيع القول إن هذه الصحوة الإسلامية قد وجدت في الصومال فرصة ملائمة للازدهار والتقدم، حيث تتميز هذه الساحة بأنها خالية من القيود الفكرية، والتضييق على الإسلاميين إلى حد كبير وبالمقارنة مع غيرها من البلدان الإسلامية، ذلك لأنه ليس هناك حكومة قوية ولا دولة مرهوبة الجانب تستطيع فرض مثل تلك القيود.
ولكن هنالك سؤال يطرح نفسه وهو:
هل استفادت الحركة الإسلامية في الصومال من هذا الفراغ الفكري ومن هذا الفراغ السياسي في الساحة الصومالية، إن الإجابة ـ ويا للأسف ـ هي لا: لأن الحركة الإسلامية في الصومال لم تغتنم هذه الفرصة للأسباب التالية:
1 ـ الجانب الفكري: لم تنجح الحركة الإسلامية أن تكسب الشعبية اللازمة من المجتمع الصومالي ولم تقنع معظم القطاعات الشبابية، والقبلية من المجتمع بالأفكار التي تطرحها، وعلى الرغم من أن المجتمع الصومالي مجتمع مسلم بطبعه، ومتدين بالفطرة، إلا أن الحركة الإسلامية لم تنجح في صياغة خطاب يتناسب مع عقلية المجتمــع، بل جاء خطابها وكأنه موجه إلى شعب آخر مثل الشعب المصري الحبيب أو شعب المملكة العربية السعودية أو شعب السودان، وليس إلى شعب الصومال.
ثم إن الحركة الإسلامية في الصومال غير مؤهلة لاستيعاب عدد أكبر من الشباب الصوماليين المثقفين بثقافات متعددة من غير الدول العربية والإسلامية، فعضوية الحركة الإسلامية في الصومال لا تتسع لخريجي الجامعات الغربية، لأنها لا تستطيع أن تتحمل هذا الكم الهائل من الكوادر البشرية.
2 ـ الجانب الاجتماعي: إن التركيبة القبلية للشعب الصومالي هي ـ أيضاً ـ من أهم العقبات التي واجهت رجال الحركة الإسلامية، إذ لم تستطع الحركة أن تتفهم الواقع المعيش في المجتمع الصومالي، فهذا المجتمع ليس فيه انقسامات ثقافية، أو طبقات اجتماعية، بل هو عبارة عن مجموعات قبلية والمحرك الأساسي السياسي والاجتماعي وحتى التجاري هو "القبيلة".
والانتماء للقبيلة يسبق أي انتماء آخر بشكل واضح.
ومن هذا المنطلق وجهت الحركة الإسلامية خطابها الدعوي والسياسي والاجتماعي عبر القبائل خاصة الرئيسة منها، وكان من نتائج ذلك أن اختلط الأمر بالنسبة للشباب، فلم يفرقوا بين الفكرة الإسلامية كفكرة مستقلة، وبين تبعيات القبيلة ودورها، ومدى التزام الفرد تجاهها، هذا فضلاً عن أن الحركة الإسلامية الصومالية لا تزال تعاني من نقص شديد في الكوادر الفقهية المؤهلة، للتعامل مع الواقع الصومالي القبلي ومشكلاته المعقدة.
3 ـ الجانب الاقتصادي: ليس للحركة الإسلامية في الصومال مصادر اقتصادية مستقلة، فالفصائل السياسية القبلية في الصومال لها مصادر اقتصادية مرتبطة بالدول الأجنبية، خاصة الدول المجاورة، وبعض الدول الغربية، ومن ثم أصبح الخطاب الدعوي والسياسي للحركة من دون جدوى في ظروف الفقر والتبعية.
4 ـ من حيث توجيه الدعوة: خطاب الحركة الإسلامية خطاب موجه إلى الأفراد والأسر، وإلى طبقات معينة، وليس خطاباً جماهيرياً، ومن ثمَّ فقد تشكلت للحركة الإسلامية مجموعات من الشباب لا يتعاملون مع باقي المجتمع، بل يتعاملون فقط فيما بينهم، وأصبحت الحركة الإسلامية منعزلة، عن محيطها الاجتماعي، ومنشغلة بشؤونها الداخلية، ومهتمة بمصالحها وليس بالمصالح العامة للمجتمع.

إيجابيات الحركة الإسلامية في الصومال

على الرغم من كل هذه السلبيات والمشكلات التي تواجه الحركة الإسلامية الصومالية إلا أن هنالك إيجابيات لها، وبخاصة في مجال التعليم ومجال التربية الإسلامية، على الرغم من أن هذه الإيجابيات لا تزال محدودة جداً، ومحصورة في بعض الأقاليم والمدن.
ضرورة توحيد الرؤى الدعوية والسياسية للحركة الإسلامية، حيث إن هناك اختلافات كثيرة بين الجماعات والحركات العاملة، ويغيب عنها التنسيق والتعاون والتكامل.
والجدير بالذكر أن الهدف الرئيس لكل الشركات الإسلامية هو إعادة المجد للإسلام والمسلمين، وتبليغ الدعوة الإسلامية، فهي حركات تكاملية، متعاونة
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.
إن أمام الحركة الإسلامية في الصومال فرصة للقيام بدور كبير في تحقيق المصالحة الوطنية، ذلك بشروط أهمها:
أ ـ دعوة الأطـــراف كافة للمشاركة في جهود المصالحة الوطنية، بما في ذلك زعماء القبائل ورؤساء الفصائل، ورجال الدين التقليديين.
ب ـ إفساح المجال أمام الشباب المثقفين الصوماليين للمساهمة في تحقيق المصالحة الوطنية.
ج ـ العمل على تخفيف حدة الفقر لقطاع كبير ومهم من المجتمع وهم المليشيات المسلحة، لأجل الحصول على لقمة العيش، وتأمين مصدر كريم من خلال العمل بالمشاريع الاقتصادية، والانخراط في برامج التأهيل الحرفي والمهني للمتشردين لاكتساب الرزق، حتى تتاح لهم الفرصة للمشاركة في إعادة بناء بلدهم والنهوض بها.


          عـودة