رئيس التحرير

محمد الأمين محمد الهادي

يصدرها مكتب الإعلام في

جمعية المؤاخاة

العدد 28- السنة الثانية - 15/12/1999م

المؤاخاة أول صحيفة صومالية باللغة العربية على الإنترنت مفتوحة لجميع الكتاب العرب

افتتاحية العدد

جنون عام 2000م

بقلم : رئيس التحرير

قد أوسم بإحدى الصفات التي أصبحت على مرمى حجر من كل من يخالف ما تنتجه وسائل الإعلام الغربية وتتبعها وسائلنا العربية والإسلامية من قبيل التطرف والتشدد والإنغلاق …إلى آخر هذا القاموس . ولكني أستمهل الجميع وأطلب منهم فرصة لتوضيح ما أعني بهذا الجنون .

أولا أود أن أطرح سؤالا : مامعنى عام 2000 ؟؟ ربما لم يفكر في ذلك الكثيرون ..هل هو من بداية العالم أم من تحضر العالم أم من أول رسالة وصلت إلى الأرض من السماء أم ماذا ؟؟ وهل هو عيد لجميع العالم .. وعلى جميع بني البشر الإحتفال والإحتفاء به .. سواء كانوا مدنيين أو وثنيين ملحدين أو موحدين ، مسلمين أومسيحيين ..يهود .. ؟ لماذايحتفل ويحتفي ويهتم به الجميع وما هو السر الموجود فيه الذي يوحدهم جميعا ويضعهم تحت رايته ؟

لا التاريخ الإنساني يبدأ من أول العام الميلادي، ولا نزول رسالة السماء بدأ من أول العام الميلادي .. ولا الحضارة بدأت في ذالك اليوم ولا حتى المسيح ولد في أول ذلك العام .

نحن لا نعلم كم من السنين مرت على العالم منذ خلق .. ولا نعلم حتى بداية تاريخ البشر منذ متى كانت .. ولكنا متأكدون أن العالم كان موجودا قبل العام الميلادي الأول .. والأنبياء والمرسلون توالوا على الأرض يحملون نور السماء لهداية البشر قبل ذالك بكثير .. ومتأكدون كذالك من أن الحضارات الإنسانية كانت قبل ذالك بآلاف السنين كالحضارة المصرية التي بدأت قبل ذالك بخمسة آلاف عام .

والأيام عند كل الأمم تحمل أحداثا وبداية تاريخ كل أمة هو بداية حدث عظيم لديها .. ولكن بالطبع لا يوجد يوم واحد يتفق عليه الجميع أنه حمل حدثا عظيما لهم جميعا … حتى المحتفلون بعام 2000 ، إن اليوم الأول من الألفية الثالثة هو في أحسن الأحوال يوم عظيم لدى المسيحيين لأنه يشير إلىمرور 2000 عاماعلى ميلاد السيد المسيح وإن كان ذالك غير متفق عليه لديهم والسيد المسيح عيسى ابن مريم رسول قد خلت من قبله الرسل لم يختم رسالة السماء كما هو شأن سيدنا محمد (ص) فلماذا يصر الغربيون علىتعميم الإحتفال به ؟

هذا سؤال وجهته لنفسي قبل أن أوجهه إلى غيري فوجدت بعد تفكير أن العالم الغربي المسيحي وهو لا يؤمن بنبوة ورسالة محمد (ص) يريد أن يرسخ في الأذهان أن المسيح عيسى خاتمة رسالات السماء ولم يرسل الله بعده أحدا آخر . ولا أدري إن كنت موفقا في تلك الإجابة …ولكن حتى إذا كان العالم المسيحي يعتقد ذالك فهل هذا مبرر كاف لمظاهر الإحتفال التي صرفت عليها بلايين الدولارات على الألعاب النارية فقط وهل الإحتفاء بميلاد نبي يكون بالرقصات العارية وبالموسيقى الصاخبة وبالصيحات وبالتحلل والتفسخ المصاحب لتلك الإحتفالات وتظهر المتناقضات في ذالك حيث تضاء سماء موسكو بالألعاب النارية إحتفالا بالألفية الجديدة وتضيء سماء جروزني بتفجيرات الصواريخ المكثفة والتي تقصف بها القوات الروسية الغازية العاصمة المنكوبة لتقتل المزيد من المدنيين .

لقد جن العالم بالعام 2000 !!

هكذا أعتقد … فما يفعله الجميع ليس خارجا عن نطاق الجنون لأن المجنون يفعل ما يفعل دون أن يسأل نفسه لماذا ؟

وصاحبت هذه الألفية خرافات المجانين الذين اعتقدوا أنها نهاية العالم وصمم آخرون على تنفيذ إنتحارات جماعية كماصاحبتها إحدى المشاكل التكنولوجية في الحاسوبات والتي سميت بجرثومة عام 2000 لتزيد من حالات الترقب والإثارة على هذا اليوم .. لكن هذا اليوم أوليلة الألفية الثالثة مرت لدي كأي ليلة دون إحساس بشيء جديد زاد أو يزيد على العالم مع أنه أتيح لي أن أشهده في إحدى أعظم إحتفالاته إذ كنت مارا بالقاهرة في رحلتي إلى لندن واضطررت لمبيت ليلة في القاهة فجاء أحد مندوبي شركات السياحة المصرية يعرض علي قضاء الليلة مع إحتفالات الألفية الثالثة في الأهرامات للمبيت في أحسن الفنادق وجميع الوجبات والتنقلات بسعر زهيد 55 دولار فقط مع الطفلين الذين كانا بصحبتي ولكني رددت عليه قائلا : لا شكرا .. وحاول أن يغريني ويصف لي ما سوف يحدث هناك فقلت له: عفوا .. أولا أنا مسلم وفي شهر رمضان وفي العشر الأواخر فأفضل أن أقضي الليلة في عبادة الله فقد أصادف ليلة القدر التي هي خير عند الله من ألف شهر ..

31\12\1999 الساعة 11:43مساء بتوقيت القاهرة

 

            عـودة



 

اكتب تعليقك على هذا الموضوع

  • Name: الإسم
    E-Mail: البريد الألكتروني

    Subject: الموضوع

    Message:التعليق