رئيس التحرير

محمد الأمين محمد الهادي

يصدرها مكتب الإعلام في

جمعية المؤاخاة

العدد 27- السنة الثانية - 1/12/1999م

المؤاخاة أول صحيفة عربية على الإنترنت مفتوحة لكل الكتاب العرب

ثقافة واجتماع

فضائل الصيام

بقلم : فضيلة الشيخ محمد قاضي

الحمد لله رب العالمين، فرض الصيام على العباد تزكية لنفوسهم وتبصرة لهم بمسالك الهدى والرشاد، وجعله سبيلا للتقوى التى هي خير زاد ليوم المعاد، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، أجزل للصائم العطاء وتولى جزاءه يوم لقائه للعباد، وأشهد أن محمد عبده جاهد نفسه وسماه أكبر الجهاد. اللهم صل على سيدنا محمد نورالأبصار وضياء الفؤاد ، وعلى آله وصحبه السادة الأمجاد، وعلى التابعين لهم إلى يوم الدين… أمابعد،

عباد الله كما تعلمون أننا نعيش في شهر الصوم، والصوم جنة من النار كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصوم جنة يستجن بها العبد من النار"، وقال صلى الله عليه وسلم "من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا " فإذا كان صوم يوم يباعد وجه الصائم عن النار سبعين عاما فما بالك بصوم شهر رمضان كله أوصوم ثلاثة أيام من كل شهر نافلة أو غير ذلك من أنواع الصيام المشروع ؟. إنه لفضل عظيم ، والصوم سبيل إلى الجَنة كما هو جُنة من النار . كما رُوي عن ابن ماجه رضي الله عنه أنه قال: يارسول الله ، مُرني بأمر ينفعني الله به . قال له صلى الله عليه وسلم : عليك بالصيام فإنه لا مثيل له فبين صلي الله عليه وسلم انه لا شئ يقرب العبد من الله ويباعده من عذابه كالصيام ، بل أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن في الجنة بابا خاصا بالصائمين كما رُوي عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لايدخل منه غيرهم يقال: أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل من أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد. ونلاحظ أن اسم هذا الباب يتناسب مع صفة الصائم الذي يصيبه العطش من أثر الصيام ، وان الصيام شافع لصاحبه يوم القيامة. فقد رُوي عن عبد الله بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي ربّ! ! ..منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه . ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه… إذن فالصوم يكون يوم القيامة شيئاحسيا ينطق ويشفع لصاحبه سواء كان صوم فرض أو صوم نفل . وأن الصوم كفارة ومغفرة للذنوب، فإن الحسنات تكفر السيئات والصوم فيه من الحسنات الشيء الكثير . وقد قال الله تعالى( إن الحسنات يذهبن السيئات ) وعن حذيفة رضي الله عنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " فتنة الرجل في أهله وماله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة " وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" أي إيمانا بالله تعالى واحتسابا للأجر الذي أعده الله تعالى للصائمين .

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " فصوم رمضان إذن سبب لمغفرة الذنوب التي بينه وبين رمضان الذي سبقه ولكن بشرط اجتناب كبائر الذنوب فإن الكبائر لا يكفرها إلا التوبة كما هو مذهب جمهور علماء السلف. ولذلك قال الله سبحانه وتعالى ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر غنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما )

إن الصوم من أفضل العيادات وأجل الطاعات، وأنه سبب السعادة في الدارين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "للصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ." أما فرحته عند فطره فهي نموذج للسعادة واللذة التي يجدها المؤمن في الدنيا بسبب طاعته وتقواه لمولاه عز وجل وهي السعادة الحقيقية، وفرحته عند فطره تأتي من جهتين : الأولى أن الله تعالى أباح له الأكل والشرب في تلك اللحظة، والنفس بلا شك مجبولة على حب الأكل والشرب ولذلك تعبدنا الله تعالى بالإمساك عنهما. والثانية تكون فرحته سرورا بما وفقه الله تعالى إليه من إتمام صوم ذلك اليوم وإكمال تلك العبادة وهذا أسمى وأعلى من فرحه من جهة إباحة الطعام له. فاتقوا الله عباد الله واجتهدوا في إتقان صيامكم وحفظ حدوده وتوبوا إلى ربكم من تقصيركم في ذلك .

اللهم اجعلنا من عتقاء هذا الشهر الكريم ومن السعداء المقبولين الموفقين لخيرات الدنيا والدين، ووفقنا لما تحب وترضى يا رب العالمين .

            عـودة