Posted by عبدالله علي on December 21, 1999 at 18:27:22:
لست متشائما من جدوى المبادرات التي تطرح بين الحين والآخر لحل الأزمة الصومالية والتي إن دققنا فيها جيدا نراها صادرة عن الدول المحيطة بالصومال ويأتي في مقدمة الدول صاحبة المبادرات اليمن وكينيا وأثيوبيا وجيبوتي التي انعكست عليها سلبيات الأزمة الصومالية فأصبحت تقيم معسكرات واسعة لإيواء الكثير من اللاجئين الصوماليين الذين هربوا من جحيم الحرب بل واصبحت سواحل وحدود هذه الدول مهددة من قبل عصابات القرصنة الصومالية التي أضافت عبئا ضخما إلى الأعباء الكبيرة التي تتحملها هذه الدول في سبيل حماية أمنها الذي يستباح يوميا من خلال الاختراقات المسلحة للحدود أو السطو المباشر على وسائل النقل البحرية التي تمر بسواحلها أو في المياه الدولية بالقرب منها .
إن المبادرات السابقة التي تقدمت بها كل هذه الدول بما فيها مصر كانت تستهدف تقريب وجهات النظر بين الفرقاء للخروج من الوضع الراهن وتشكيل الدولة المركزية لاعادة سيطرتها على البلاد وضبط الأمن فيها واعادة تشكيل الجيش والشرطة وإزالة الحواجز التي قسمت العاصمة مقديشو إلى مناطق نفوذ بين الفرقاء الا ان هذه المبادرات جميعا باءت بالفشل الذي يمكن إرجاعه إلى عدم قدرة قادة الفصائل الصومالية على الاتفاق على قرار ملزم لهم يتم بموجبه توحيد العاصمة تحت سلطة تنفيذية تخضع لقيادة واحدة ومن ثم تتولى بسط نفوذها على بقية الأرض الصومالية في حدود ما كان يسمى سابقا بالصومال الإيطالي فقط وذلك لتشعب أوراق الحل وعدم اقتصارها على الزعامات القبلية التي تتشكل كدوائر معقدة متداخلة في بعضها البعض وانما تجاوزتها الى اطار أوسع واعمق جعل قوى المافيا الدولية تراهن أيضا على بقاء الصومال بوضعه البائس لامتصاص خيراته عبر وسطاء لزعماء القبائل المتصارعة فنهبت ثرواته الزراعية والحيوانية والسمكية وربما تستغل ارضه لدفن النفايات السامة ان استمر الحال على ماهو عليه .
لقد تبصرت القيادات الدينية والفئات المؤثرة في المجتمع لهذه المعضلة التي تواجه البلاد وتقدمت بمبادرات عدة للقيادات القبلية التي تدير دفة الصراع السياسي والعسكري في طول البلاد وعرضها ولكنها فشلت في وضع حد لهذا التنافر الذي تحدده المصالح ومناطق النفوذ وذوبت هي الأخرى ضمن تشكيلات المليشيا العريضة ذات الدوائر الواسعة بل واوكلت لها مهام تتناسب مع توجهها الديني والإداري في مراقبة تنفيذ التشريعات والأحكام وأقيمت لها المراكز التي تنطلق منها لرسم خططها التي تعتبر ان فيها خلاصا للمجتمع وفاتها أنها قد صهرت ضمن المليشيات التي تعج بها البلاد وأصبحت جزء من نسيجها .
ان المتتبع للأحداث الراهنة في الصومال سيحكم سلفا على مبادرة الرئيس الجيبوتي بالفشل لان القيادات التقليدية وفئات المجتمع المدني الصومالي بالإضافة الى الزعامات الدينية هي الاخرى جزء من نسيج الصراع الدائر في جنوب الصومال لأنها تخضع للقيادة المباشرة لامراء الحرب وكل فئة من هذه الفئات تخدم توجه الزعامة التي تتبعها ناهيك عن أن هذه القيادات التقليدية لها مصالحها المرتبطة باستمرار عجلة الصراع في الدوران والتي لن تتخلى عنها بسهولة .
ان حل المعضلة لن تجدي معه المؤتمرات الموسعة أو المحدودة لوجود هوه واسعة بين فئات المجتمع أفرزتها الحرب القذرة ولكن الحل يكمن في النقاط التالية:
1. عقد مؤتمر للدول المحيطة بمنطقة الصراع مع عدم استبعاد جمهورية ارض الصومال من حضوره بالإضافة إلى دولة بونت التي أعلنت هي الاخرى مؤخرا .
2. وضع الخطط لإغلاق حدود هذه الدول مجتمعة وتشديد الرقابة عليها ومنع تسرب أي مواد الى الفئات المتصارعة .
3. إصدار قرار دولي بمنع التبادل التجاري مهما كانت نوعيته مع الفرقاء في الصومال .
4. محاصرة السواحل الصومالية لمنع خروج أو دخول أي مواد من والى منطقة الصراع ,
5. أن تتولى الأمم المتحدة الإشراف على دخول مواد الإغاثة للشعب الصومالي فقط .
6. نشر قوة دولية في جمهورية ارض الصومال لاجتياح جنوب الصومال بعد ان يؤتي الحصار ثماره .
إذا فان حل الأزمة الصومالية لايكمن في طرح المبادرة تلو الاخرى وانما هو بحاجة لقرار دولي لن يتأتى بسهولة ان لم تتضافر جهود الدول العربية والأفريقية للضغط على الدول العظمى بشتى الوسائل للتحرك لإنقاذ هذا الشعب الذي يتطاحن ابناءه من اجل تقاسم مناطق النفوذ ولكن طالما أن الأزمة الصومالية لن تؤثر على السلم والأمن الدوليين فان عجلة الطاحونة ستظل دائرة الى ما شاء الله .
Follow Ups
Post Followup